حينما أكتب عن الحب وكأنما أكتب عن الزواج؛ الحب هو الزواج، والزواج هو الحب. أروع زواج يتحقق حين تقول: أريد أن أعيش مع هذا الإنسان حتى آخر يوم في حياتي، حين لا تقوى أن تعرف إنسانًا غيره، حين تريد أن تشاركه كل مُتَع الحياة ومباهجها، حين تريد أن تتلقى منه الرعاية وأن ترعاه، حين تريد أن تواجه معه صعوبات الحياة، حين تستمع عقليًا وتأنس روحيًا بالكلام معه، حين تعانقه، حين تزيد الأيام امتداد جذور العلاقة في أعماق الأرض الطيبة. نتناول في هذا الكتاب العوامل التي تجعل الزواج رائعًا ومثاليًا.
إنّ إحدى ضروريات الزواج وإحدى مستلزمات نجاحه هي نضج طرفي العلاقة. الإنسان الناضج السوي نفسيًا يعتبر الزواج في حد ذاته غاية وهدفًا. وحين يلتقي بنصفه المكمل للمرة الأولى؛ يستطيع أن يتبين بحسه الباطني أنّ هذا الإنسان هو أهل لأنْ يقضي معه بقية عمره. هذا الناضج هو الذي يسعى للزواج باعتباره صلة دائمة واتحادًا عميقًا ورابطة قوية أبدية. الناضج الذي يدرك أنه لا زواج سعيد إلا إذا كان طرفاه يشعران بالاستقرار والاستمرارية، وهذا لا يتحقق إلا إذا كنتَ الأوحد في حياته وكان الأوحد في حياتك.
في الزواج يستطيع الإنسان أن يظهر ضعفه، أن يتألم بصوت مرتفع، أن يتوجع، أن يعبر عن إحباطاته وفشله، ولا يخشى نقدًا أو تجريحًا أو سخرية. إنّ شريك حياته هو بعض منه؛ ولهذا هو لا يخشى أن يتعرّي أمامه بضعفه ومخاوفه وحتى صغائره.
في مواجهة الكوارث قد نحتاج إلى أناس كثيرين، ولكنّ أهم إنسان تحتاجه هو زوجك. مواجهة كوارث بلا زواج معناها آلام أكثر. وجود الزوج يحمينا من الانهيار؛ ربما يجعلك تستهين بالمشكلة، لا تراها نهاية العالم. وجود زوجك بجانبك يعطيك الإحساس بأنّ الحياة يجب أن تستمر، بأنّ الحياة مازال فيها سعادة وجمال، بأنّ هناك ضرورة للاستمرار، أنّ هناك مبررًا للحياة.
إنّ مرور الأيام على الزواج هو عمق هذا الزواج. لا شيء ينضج إلا بعد مرور الوقت. الزمن هو البعد الأساسي للنضج والنضوج. وإذا قلنا أن النضج ضرورة ليصبح الإنسان أهلًا للزواج؛ فإنّ الزواج يطور الشخصية ويعمق الفهم ويزيد النضج ويكشف عن الكنوز الكامنة في النفس؛ ولهذا يشعر الإنسان بالحياة أكثر، وتتفتح له آفاق جديدة في عالم المعاني والفكر والمشاعر.
إنّ تغيير الإنسان الذي تعيش معه لا يعطيك الفرصة لحياة الإبداع الحقيقية. حياة الإبداع الحقيقية لا تكون إلا مع إنسان تعيش معه كل وقتك وكل أيامك. فالحياة مع إنسان واحد تعطي الفرصة للتفاعل أن يبدأ ثم يأخذ مساره الطبيعي ويمضي إلى الأمام ويتطور ويمر بالمراحل المختلفة. ولكن معرفة شخص جديد في كل مرحلة لا يعطي فرصة لهذا التطور الطبيعي التلقائي؛ لأنك في كل مرة تبدأ من جديد، وهذا من شأن النفوس القلقة المريضة العاجزة غير المستقرة المريضة بالسأم. إنّ السأم لا يأتي من خارج الإنسان، بل قد يكون داخلًا في تركيب نفوس بعض الناس.
لا تستطيع في وقت ما أن تقول أنك قد اكتشفت كل شيء عن مَنْ تحب، لا تستطيع أن تقول أنك عرفته بالكامل. حين تتصور ذلك إذا بك ترى منه لمحة جديدة، لمسة جديدة، تحرك روحي، نظرة عين مبتكرة، صوت مغاير، فكرة مبدعة، تعبير عاطفي يهزك من جديد؛ فإذا بك تحن وتشتاق وكأنك تراه لأول مرة، ولهذا فالحنين مستمر والشوق دائم.
كلما تزينت المرأة أكثر فقدت جاذبيتها الحقيقية، وكلما عرّتْ من جسمها مساحات أكبر فقدت قيمتها الجنسية. وكلما اقترب الرجل إلى جمال النساء وبالغ في مظهره وتحرك بزهو معتمدًا على الشكل الخارجي؛ كلما أثار ردود فعل سلبية على المستوى الجنسي لدى النساء. إنها كلها وسائل خائبة لا تفيد إلا في العلاقات السريعة المؤقتة القائمة على إرضاء الشهوة. إنها ليست علاقات إنسانية بل علاقات جنسية محضة ولا يندفع نحوها إلا مَن يعاني القلق الناشئ عن انعدام الثقة بالنفس.
الإنسان الواثق من نفسه يهتم بجسده ليسعد به وليس ليُعجب به الآخرين. فإذا مارست الرياضة البدنية؛ فإنك لا تمارسها من أجل تقوية الجسد أو لإزالة الشحوم ليبدو متناسقًا، ولكنك ستمارسها لأن هذا يسعدك. إنّ نقطة انطلاقك لن تكون مظهر جسدك ومدى تأثيره في نظر الآخرين، ولكنك تريد أن تستمع بجسدك أنت.
أنت ترى شريك حياتك كيانًا متكاملًا، ترى جسده جزءًا من قلبه وعقله، تراه داخلك. ولهذا لا تلاحظ أنه يكبر، لا تلاحظ الترهلات ولا التجاعيد ولا الشعر الأبيض، بل على العكس تحب وتدمن هذه التغيرات لأنها دليل على الزمن وعلى ديمومة العلاقة وخلودها. يقلقك إذا حاول أن يغير من آثار هذا الزمن، تفزعك جراحات التجميل التي قد يفكر فيها. إنه وكأنما يريد أن يمحو الزمن ويمحو الأيام التي بينكما.
إنّ جسد زوجها حبيبها أصبح صديقًا حبيبًا مألوفًا؛ ولذا فهي التي تبادئ وتنادي وتداعب وتتحرك وهو يتلقى ويستجيب. وفي مرة أخرى يعود هو فيصبح مؤديًا وتصبح هي متلقية، كل ذلك بشكل تلقائي بدون اتفاق وتحديد أدوار وبدون اتخاذ أوضاع سخيفة وطرق مبتذلة.
إنها تعطيه شيئًا لا يستطيع أن يقتنيه لو دفع مال الدنيا كله. قد يستطيع بماله أن يحصل على أجساد ألف عاهرة، ولكنه لا يستطيع أن يحصل على روح امرأة فقيرة بسيطة. ولكن إذا أحبته هذه المرأة حقًا؛ فإنها تعطيه روحها مجانًا وبدون مقابل. إنّ هذه الهدية لا يستطيع منحها إلا المرأة ذاتها وبإرادتها هي، إنه فعل تطوعي. ليس لديها احتياج لأن تعطي، هي تعطي فقط لأنها أحبت. إنّ هذا الفعل تجربة فريدة غير قابلة للوصف.
ليس من العيب وليس من الخطأ أن تعبر عن شوقك الجسدي لرفيق حياتك؛ فهذا الشوق الجسدي ينطوي أساسًا على شوق روحي. أنت تشتاق إليه كله، والجسد أحد وسائل التعبير، أحد وسائل التواصل، أحد وسائل الالتصاق والالتحام والذوبان.
شيء غير سليم أن يرتبط الفراش فقط بالجنس. شيء غير صحي أن يستقل كل منكما بفراش أو بحجرة منفصلة. الفراش هو معنى؛ معنى لأن تكونا معًا. الفراش ليس للجنس فقط، الفراش هو جزء من حياة التوحد بينكما. منذ أول ليلة في زواجكما وحتى نهاية العمر احرص على أن تنام كل ليلة مع رفيق عمرك في نفس الفراش. احرص على أن يكون هو آخر وجه تراه قبل أن تخلد إلى النوم. احرص على أن يكون هو أول وجه تراه حين تستيقظ من نومك، وأسعدكما حظًا هو الذي يبادر الآخر بصباح الخير.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان